الأربعاء، 11 سبتمبر 2024

مع نفسي .. ومع العم ممدوح !_

 


7|

 بنها ...

محافظة بسيطة وهادئة ...

مترامية الأراضي مزروعة أكثر منها مسكونة ..

تقع على دلتا النيل ..

أي أن فيها الخير كثير ..

قنوات الماء تمتد بين مساحات الأراضي ..

عمرانها بسيط وأهلها متواضعين 

لكنها غير مُعتنى فيها .. 

تُركت للناس .. يفعلون بها ما يرونه مناسباً !


،

وبصراحة ..

لم أتجول فيها  ..

أمكث هنا لفترة صغيرة في شارع الكورنيش

  .. 

يعتبره الناس مزاراً لكل خميس !

وأعتبره أنا استعادة جزئية لإعداداتي الحسية

 أتشرب من هواء النيل

 هدوء نفسٍ فقدته ..


لياليّ جامحة هنا بالقرب من الماء والشمس 

والأشجار العالية ،

،

 عادة 

أنزل من بيتي بعد العصر .. 

وأنوي .. 

على أن أرسل بداخل الشمس مخاوفي 

لتنغمس رويدا داخل الماء المترقرق

فيطفئ نارها ويكسر أسوارها ...


تلك الأشعة المتراقصة

 على الصفحة المخملية من النيل

في وِئامٍ وسلام ..

تفعل بي الكثير ..


ومنظر الطيور الصغيرة الحائمة في سماء الغروب 

تحيي بذاكرتي أشياءاً كادت أن تموت ..





،

،


8|


أمس ..

مر بِخاطري لحن 

كان قد غاضَ في النسيان

..

تلك الأغنية الصغيرة كلها جميلة 

وما يشدني فيها عندما يقول 

أنا كلمة في موالك

أنا خطوة في مشوارك

أنا صاحب لياليكي

أنا حُبّك أنا دارك ..

!

ولا تقولي ..أنا في الكون 

لوحديَّ .. 

ومنسية ..!


،

تعجبني التعابير البسيطة التي تشرح كل شيء

يعجبني صوتُ الكمان فيها 

ولا أعلم لماذا مرّت عليا من هنا !

أم أنّ الذاكرة  تُنطِق عقلي الباطن !!

 ..


"" بالفعل أنا  وحيدة باختياري ..

فيما عدا أهلي البعيدون ...


لا أجد من النساء من تشابهني في جوهر واحد  ..

وبالطبع  مضيعة الوقت في  الثرثرة والتفاهات وخلق المشاكل

 هو الرخيص  الموجود ..


إنها حماقات ليست لي !!

!!

،


أما عواطفي فقد فشلت ..

ورومانسياتي ذابت

واندفاعي فيها تحطم ...



تلكَ أخبار كل من يشبهني ...

!

""

قلت بنفسي وأنا أتجه نحو الماء 

،/

،



9|



المربع أمام النيل مباشرة بمحاذاة البيت  ..

محاط بكتل إسمنتيه ، ومحدد بروابط لإقامة  بناء عليه


يبدو أنه بديهيا  سيكون للقوات المصرية !!!..


وأنه ممنوع التقدم لهذه الحافة  ..

فيما وجدت نفسي أمضي وحدى مطمئنة !!

 ليقترب مني رجل بعمامة  أسمر البشرة

 كبير في السن

 يبدو أنه حارس للمكان .،


_أهلا يابنتي عايزة تُقعدي ؟

_ لو ممنوع برجع 

_لو ممنوع يبقى مسموح علشانك يابنتي 

قالها بطيبة وسأل :

_انتي من فين 

ويسأل المصريين في الغالب هذا السؤال لغريب اللهجة ومختلف الشكل عنهم "" 

أجبت

_فلسطين ...

تهلل وجهه وتحمس جسده

 وشعرت لو أني كنت رجلاً 

لاحتضنني من فيضِ فرحته ..


_ربنا ينصركم ويعينكم  يارب 

نورتونا وشرفتونا 

حاجيبلك كرسي ،  تقعدي

 شكرته جدا ومضى وعاد !

وضع كرسيا وسألني هل أشرب شاي !

أخجلني اهتمامه ...

فقلت لا داعي ياعمي أرجوك لا تتعب نفسك ..



ذهب ... 

لأبسط أنا عيني للنور الهادئ قبل الغروب

جلست أتأمل  أشجار الذرة 

وسيقان عباد الشمس الطويلة 

تتهادى مع النسيم  فتروح يمينا تارة .. 

وتعود شمالا تارةً أخرة  ..

فيمَ اخترق سمعي صوت يقول 

تفضلي يابنتي ..

يزيد فضلك شكرا جدا .. بقولولك عم  مين ؟

أنا إسمي ممدوح ..


شكرا ليك يعمّ ممدوح كتر خيرك 

.. دا أقل حاجة يامدام ربنا يرجعكم سالمين 

..

وجلس قليلا  وخاض عم ممدوح معي في الأحاديث الكبيرة

شاركني الحزن وأحوال القضية

سأل عن الأهل وعما تركت ورائي ..

عاضدنا في شؤون الدنيا وثمّن صبرنا ولعنَ العرب 

هو لم يكن  حارس كما رأيت ...

بل كانَ إنسان  .. ومثقف

 كان يعمل في إدارة بنك قبل هذا 

 والآن يبحث عن قوت يومه بعد الستين

لقد اتضح  شخصه المُحنّك المُعقِل 

اختفى ذلك الحارس البسيط

وظهر لي مدير في شؤون البلاد

وفي السياسة والصحة والإجتماع

في الأدب والدين والحياة ...!!


لكِ الله يا مصر ..

كم أنتِ مدفونة ..

،

هذا عم ممدوح

 ليس الأول أو الأخير 

بل رأيت مثله الكثير ...

وأنا أشبهك عم ممدوح !

..


مثلك إلى حدٍّ كبير 

!

مثله من ضمن الكثير 


!


!

،







،


الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024

ذاكِرة .. مسافرة >>!!

 



3|

في غزة .. 

من أقصاها إلى  أدناها

مازال الموت مجاني ...

بلا فواتير ..

 بلا حساب ولا عتاب

،


ونحنُ هنا .. ندفع ثمن الحياة ..

ثمن المكوث والنوم والخروج للشارع 

فواتير يومية من أجل لا شيء !

من أجل حصار آخر  ..

وأفق غائم ... لا صفاء فيه 

!


تمضي علينا الأيام كما تريد الحكومات 

وحتى على شعوبها تمضي كما تريد ..

فكيف بنا نحن !

على الأقل 

هم يقولون عاش الوطن..

ونحن العطاشى الصارخين  : أينَ الوطن!


ذهب الوطن 


تُرِكَ الوطن !

.

.

.

فلتدفع الفاتورة أولا ...


ثم تنام

!

!





4|


وفي أمَلَةِ التناسي .. أتجاهل المشاهد

وأستفرغ المرار الذي تعبأت به نفسي ...

وأمضي صباحاً ..

أبحث عن حنوٍّ قديم 

وحضنٍ صادق .. يلملم أجزائي المبعثرة 

ويجمعني قليلاً بقلبي النازف

!


_صباح الخير 

_أهلا بحضرتك ..

_أهلا بيك 

_ممكن أصعد للأعلى 

_حضرتك نورتي ... من سوريا ؟

يقول : "في ابتسامة عريضة" ^

_من فلسطين  ... 

_انتو نورتونا واللهِ أحسن ناس"

_نورك الله يخليك ..

_أنا آسف بس  لازم يكونلك كارنيه للدخول 

صورة شخصية ،صورة البطاقة _يقصد الهوية ، واشتراك سنوي رمزي جدا  ..

ثم أخذَ في الاستطراد والترحيب والاعتذار  معا!!


_ ماعندي مشكلة ،

ممكن المرة هدي أفوت آخد نظرة

 والمرة الجاية أشترك ؟


_طبعا يفندم وصعدت !

معي خالد ... وسأنتقل قريبا..

نظرت له ففهم ما أريد ...

وهوَ أفضل مافيك خالد .... !

!


ابتسمنا ودلفنا لساحة 

"المكتبة" ..

"هيَ" ..

و

"أوّاه ".....





المكتبة ...


حضنها الدافئ الفسيح ..

ورائحتها التي تنسيني ذنوبي

 وصعوبات الأيام ..



أخذتني دمعة خجولة ..

وابتلعت أنفاسي كأنه لقاء العشاق الأول 

بعد طول اشتياق !

يالِ الشعور 

يالِ هذه الرهبة !

..

لولا أني أتماسك !

 لسقطتّ أرضاً مما اعتراني ..

وهنا تصدق المقولة 

" أنا لا أكذب  ...لكني  أتجمّل " !!!

،



تلك الرهبة والكبرياء والاشتياق يوازيا شعوري في ٧ أكتوبر !

وفي ٦ أكتوبر وفي كلُّ أيّام التاريخ !


لا يعلم أحد كم هذه المكاتب دولتي ! !

،


أنا لم أرَ حقول المجدل  ..

ولم أرى شواطئ يافا وحيفا وأسوار عكا

لم أرَ  مآذن القدس وتاريخها وشوارعها

للمرة الأولى قرأتُ عنهم ..!



حملتُ لقب اللاجئ !

لكني  أعلم أفضل مما رأيت

أن لي بلاد ... أجمل من أي شيء رأيته وسوف أراه


منها وفيها كبرت وأحببت وتشكّلت ...

وعرفتُ أنها الكتب ..



 معراجي للبلاد !

معراجي للكون بأكمله 


..


ومع أني خرجت لأنسى

انتفضَ نبضي ..

وهزمتني الصور القديمة


وما بينَ دمعة والتفاتة 

هزني ألفَ سؤال ...




المكتبة العامة بخانيونس

كم كانت رائعة !

لله ..كم هي غالية عليّ !

هل دُمرت تماما ً؟



كل الكتب  تمزقت وأحرقت؟! 


مثلما أحرق الناس !

وأُسكَتُّ تساؤلاتي بهول المجازر


 وأقول بنفسي كفى

قد أُحرِقَ كل شيء ! ..




تعاودني التساؤلات

والمكتبة العامة بغزة ..


لم تكن مفروشة أو مجددة 

لكن تتصل فيها عروقي وأيامي الجميلة !

؟

هل أُحرِقت كما الأطفال والنساء والشبان والشيوخ !!!



وأسكتُ في تناقض !

أصمتُ في قهر ... 






5|


أستعيد نبضي وأتجول بين ردهاتها ...

مكتبة بنها العامة ..

جميلة ... ضخمة .. قديمة ..


في محاذاة  كورنيش  النيل 

بالقرب من  بيتي الحالي .. 

مصرية بحتة  ... وبالطبع

 هادئة من الزوار ..

فالجيل الحديث لا يقوى على المكوث لقراءة كتاب !

،


وفي إلقاء ساخر أقول لخالد ...

أنيس منصور كتاب "كيمياء الفضيحة"


_وقعت يدي عليه ... لأتناوله 

وأخبره_

 بأننا سنعتبر المجتمع هوَ "الذباب "

والفضيحة هيَ الحلوى وهي القذارة !!!

أيُّ منهما ... !!


والذي يحاول أنيس توضيحه

أنّ الفضيحة تجذب هذيان المجتمعات !

وغالبا ما تتصدر الأخبار ويتم تداولها

،

أي أنه سرعان مايقف الذباب فوق تلكَ الحلوى ! أو القذارة !

وينهش لحمها إن صح التعبير 

أو لم يصح !


دعنا نتفق أن المجتمع هو الذباب بلا نقاش .....


وابتسمنا بسخرية شديدة 


،

ثم انتهى بنا المطاف بالحديث عن قصص الأطفال

!!



هل تعرف قصص المكتبة الخضراء ؟

_ياخالتي أنا بدرس طب ماتصغريني  ..

ولا قصص المكتبة الزرقاء  ..

_....!

_تبا لكم أيها الجيل الجديد ..

_  سدقيني ماعندي وقت ..

_بتكلم عن ٢٠ سنة قبل الآن

_كنت أكره المدرسة !

_لا أتكلم عن المدرسة 


،

_قهوتك خالتي .....!؟


وابتسمنا بسخرية ثانية !!!


،




6|

 

مزيج من المشاعر الغريب  

وضعني في سريري موضع الهائم ...

المتعب المرتاح المشتاق الكاره للواقع !

وكم أحتاج في هذه اللحظة 

لمحو ذاكرتي بأكملها  . .


بل كلنا نحتاج ذلك 

وكيف لنا أن نعيش بعد الآن ..

بهذه الذاكرة الثقيلة الملطّخة ...

ثقيلة ... 

ومُلطّخة ..

غائمة ...

مكسورة النفس ... مسروقة ..محروقة

مشوشة .. ممزقة ... ! 

مجبورة.. محطمة ..مُهاجرة ...


لحقتها اللعنة ...

لتصبح كما كّتِبت يوما ...


مذكرات مسافرة ..

لذاكرة مسافرة ،


تغني بشجن 

!


https://on.soundcloud.com/kttyu



"

حدثينا ....

،،

مالها الجدران خرسى!؟


هل ترى تجفو وتنسى !؟


غربة الأرواح أقسى 



!

 !!

ذكرينا 

!

جاوبينا 


!💔




!

!














الجمعة، 6 سبتمبر 2024

كيلاكيت .. تاني مرة 🎬 !>

 


1》


هنا .. 

كانت وجهتي منذ فقدت بيتي ... 

عندما تمزقتُ بصمت  ...

وألقيتُ وجعي في جبٍّ عميق ...

...


 لأجد< ِمصر >..

ذراعَ العروبة الحاني 

"وردتي الجورية" ...

 في ثانويتي الحالمة 

،

لأجد عطف نيلها .. 

وأسوارها .. وآثارها

شوارعها  ، وجسورها ،

 وأماكنها  العريقة 

،

لأجد مكاتبها العتيقة 

والتي أصبحت مهجورة !

..

سأجدُ للذكرى  صورة ...


وكم كان لي بينَ كُتّابها عُمر ..

بين سطورهم وتفاصيل رواياتهم 

بين عقولهم وسهرهم  ، عُمر ....


أعرف ما أراه ..

فقد عشتُ مع شوارع مصر عُمر

عشت بين فصولها عمر

عشت مع تاريخها ،

مسلسلاتها ، برامجها


و علماؤها الأولون ...


،


عشتُ فيها عصور الفتوحات والرقي ..

لمستُ مصر بعيني وروحي 

ومازلت أعشق وقع هذه الكلمة ... 

بعد غزة ......

أعشقها مهما تم تشويهها 

/


كل شيء فيها مازال كما رأيته بروحي

كما سافرتُ إليه

 عبر إحسان عبدالقدوس مرات..

وعبر نجيب محفوظ 

ومصطفى محمود والمنفلوطي

أصوات الراديو الدافئة ليلا ...

 بقصص ألف ليلة وليلة ..

وصباحا ببرامج الأخبار  والقرآن 

وحكايات ...

أبلة فضيلة ..

،

عبر صوت المنشاوي صباحا

والشعراوي في المساء ...


،!



طالَ العناء ..

لكنها ..

شهيّة للحياة ...

 عريقة للمتأمِّل  ...

عريقة ..عريقة ..

وقديمة  

وجميلة  ..


،

 بقدر ماستطعت أن تمسك هذه الحروف

أمسكها ..


...فهي الآن 

للحسرة عليها أفضل ما يكون  !

..

،


ولم يكن عيبها كبيراً يوما

لكن السلطة

 والزمن 

 .. دمروا  أهلها وحضارتها

وانزلقت تلك الثقافة 

والرقي ..


لمنحدرٍ لا قاعَ له ...

ولا دين له ...

وانطفأ ...

في عيون الكثير ..

من الناس العاديين 

!!!!!



لكنها ستعودُ يوما ..

لما رأيته فيها  ..

..

سيعود كل شيءٍ حتما

كما كانَ في المرّةِ الأولى ..


وفي الدفأ الأول ..

وفي النظرة ِ الأولى 

،

سيعود ..


كل دمٍ ...

لشريانهِ الأول ..

مهما طال الغياب !!!


!

،

/



2》


كيلاكيت ... للمرة الثانية  !

!



وجدتكِ يامصر 

في حلكتي ..

،

نورا يضيء ماتبقّى ...

 من ظلمتي ! 

،

وجدتك في خاطئ الميعاد ..

ولم تكن تلكَ ...

 لكِ

 رحلتي !


،

كنتُ سآتي ..

 في زمن الحب

وفي السلامِ سآتي ..


جئتكِ مُثقلةَ الروح

من حربٍ ومن مأساةِ

،

فضميني لدفءٍ قديم

يخفف من تعبي 


ومن آهاتي 

.....

!