الأحد، 16 أغسطس 2015

وقفــٓة " حارَّة " .....




الحر يشتعل مثل الجمر 
ينبعث من الأجساد ومن الهواء ومن الجدران !

من كلام النَّاس من حولي !
الناس يمشون في الشارع سكارى متأفّفون
يجففون العرق المنهمر ويستغفرون ...

أف " " حر"  موت " " جهنم " حريقة " شوب "
كلها تعابير تزيد من حدة هذا الجحيم ! 
وأما أصل كلمة _شوب_ بصراحة لا أعرف أصلها في اللغة
كانَ أكثرها بلاغةً ..
عبارة جدي أبو حكمت _الله يرحمه _ المشهورة 
 إذا ما اشتد فوران الهواء ورطوبته يقول : يالطيف إنها "نارُ الله الموقدة"

/

هذا الحر الذي يُشبه اللظى .. عدو من أعداء الطبيعة
وصفة من صفات جهنم !
وليس أدق وأجزل من الله خطاباً لعباده 
عندما قال بسورة فاطر  "وما يستوي الأعمى والبصير ، ولا الظلماتُ ولا النور ، ولا الظلُّ ولا الحرور ، وما يستوي الأحياء ولا الأموات ، إنّ الله يُسمعُ من يشاء، وما أنت بمسمعٍ من في القبور"
،

وليس أحكم من الله ثواباً وعقاباً إذ جعل_ ألسنة اللهب _هي عذاب العُصاة
وجعل _الجنة_ وما ألطف وأجمل وأروع هذه الكلمة _ هي ثواب الطائعين ...
اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين واجعل في الجنة نصيبنا 
،

وفي الواقع
لا حل لمثل هذه الرطوبة العائمة في كل شبر من الهواء
سوى وجود المكيف !
إنه الآلة البشرية الوحيدة 
القادرة على سحب هذا الإختناق اللعين من الجو ومنح هواء نقي مُبرّد
أما " المراوح " _ عدوي الشهير _ 
والمعلقة والمنصوبة في كل جزء من البيوت فهي لا تصلح لشيء أبداً
وتشبه _ على رأي بعض الناس _ لتكون استشوار
يُنبّه النار بداخل الجسد أن تتيقّظ
!
هذا والله المُستعان على ما "يصفون" ...
" إن وُجدت "!!!!!
 هِيَ أو المكيّفات على السواء
!!

فأنا و " قل أعوذُ برب الفلق "
أتكلم عن قلعة الصمود 
غزة العزة ...
والتي تعلن فيها شركة الكهرباء عن أزمتها الخانقة ..
في كل مرة يمر فيها الشعب بأزمة خانقة !!!

ومن يتابع أخبار غزة يتعجب 
_بدون حاجة للذكاء _ من حجم التزامن بين أي أزمة وشركة الكهربا!!!
لتعلن الأخيرة تضامنها مع الأولى ... 

في الأيام العاصفة ،
في موجات الحر !
في رمضان !
في الحروب ..
في امتحانات التوجيهي 
!
فخار يكسر بعضه !
!
/

يبقى المنفذ الوحيد للناس .. أن يهربوا إلى البحر الأبيض المتوسط !
والذي يكون بالعادة أشد رطوبة من أي مكانٍ آخر !
لكن ربما السباحة في المياه الساخنة هناك
تكون أقل وطأة من الجلوس والحملقة في الحر يأكلك !!

/

أنا الآن في الخان ...
وأراقب خانيونس تصحو صباحاً في هذه الإجازة
وتربط أحزمتها وتتجه نحو البحر ..
وبدون مبالغة !
مرّت بي بضعة أيام من آب لم أرَ غيري في المدينة
وكانت خالية تماماً من أهلها  .. 
لقد رحلوا جميعاً نحو البحر !!

!
كنت أفكّر جدياً بأنها أجواء رائعة لأي عملية سرقة موسّعة !
حتى وصلت بالتفكير بأني شخصياً من الممكن أن أُسرَق!

لولا أزمتا الحر مع الكهرباء .. 
تقتلان أي رغبة في صدر أي حرامي أن يفعلها !
،


اليوم ١٦ آب
وآه يا أُمي الجميلة ...
ولا أغنية واحدة تصف ما أنا فيه !
إنّ نبأ موت علي " أبو صبحة " كانَ بمثابة 
" صدمة " لا يحتملها مثلي أنا ..

لقد كانت صورته الأخيرة جاهزة في مخيّلتي ...
شاب في ريعان عمره ، 
ينشد بحماسة تلك الأناشيد الوطنية 
وهو يعمل بجد في المخبز القريب جداً من هنا ...

لقد كبرت وتغيّبت عن أخبار هذا الحيّ 
وفجأة أسمع خبر موته اليوم صباحاً 
من أطفالٍ يلهون ويتحدثون بصوت مزعج !

_ لقد ماتَ شهيداً يا بنتي
منذُ الحرب الأولى استنشق غاز سام ونُقل على مستشفياتنا " الغنيمة " 
فحوّلوه على مصر" الشقيقة" !!!!
الغاز سبب له تكسر في كريات الدم 
وعندما أتمّ العِلاج في مصر على خير  ! 
عاد بكبد وبائي متقدم !!!!

_ يالِفظاعة هذه الحياة !
_ أصيب بعدها بالعمى ثم مات ونحسبه بإذن الله شهيد
!

أحاطَ بي الصمت وصغر كل شيء بنظري ..
ما أضعف الإنسان وما أتفه العمر ..
عندما يفلت من بين أيدينا كأنه الزئبق !

لا شيء مُبهج في هذه الدنيا _
 يبدو لي واضحاً أنّ أصل كل شيء هُو الفناء ..
كل يوم يرحل الطيّبون ويبقى الخُبَثاء ...
ولسان حالهم يقول "وعجلتُ إليك ربي لترضى "
كأنهم يهربون من قذارةِ هذا المستنقع الذي نرتع فيه بلا هدف 
،
/

تأملت طويلاً
حملقت طويلاً ...
قلت بنفسي :
 " هناك في القبور 
يوجد بهجة أكثر  " !!!!


 ...
وفجأة 
رن هاتفي _

كانَ زوجي مُحَمَّد ...

" دلال ، 
كنت مشغول جداً اليوم 

كيف الحر ....
 الجو خانق وسيّء للغاية ، 
المهم ....يا حبيبتي
 


هل أنتِ بخير ! .....
....
!!
!



الأربعاء، 12 أغسطس 2015

لمحــَة أخيــرة ... من |رسالتي المطوّلة| ..



وأخيراً ... 
أنقُل إليكِ جزءاً مقتَضباً
مما ترك في نفسي أثراً
من قراءاتي ومشاهداتي
في هاته الحقبة الصغيرة التي مررت بها ..

والتي كانت بالنسبة لي
فترة انتظار طويلة
كانَ فراغها من حولي في أمسّ الحاجةِ لأن يمتلىء
 ...

في هذه الفترة 
مررت على مجموعة من الكتب كنت أتنقّل بينها
أذكر منها "الحفيد " و " آدم إلى الأبد"
_لعبد الحميد السحار_
"الوجه الآخر" _لمحمد عبد الحليم عبد الله_
"من البرج العاجي" و" عدالة وفن " _لتوفيق الحكيم_
"النظرات " _للمنفلوطي_

وكنت أُعيد قراءة رواية مفضلة لا أفتأ أتركها حتى أعود لها من جديد
وهي "طريق التبغ"
لأرسكين كالدويل_
،/

مرّت الأيام بينَ جذبٍ وارتخاء
كنت أتساءل ...
هل هناك ضوضاء بداخلي ..
هل  أنت تُصدرين هذه الأصوات ؟
،
أم أن الضجيج كانَ حولي فقط !
/
بدأت أشعر بأن كل ما حولي وبداخلي كلمات
وحتى أنتِ يا سلوى
كتبتُكِ أحرُفاً وحرَكات ....
حتى ضاقت بي السّطور والصفحات
ومللت الكتب والقراءة
،
حاصرتني فكرة الأفلام بكل أنواعها
حتى صرت أنهب الوقت نهباً في متابعة الأفلام 
مثل "شاويش نص الليل" لفريد شوقي ..
والذي أدخلني إلى عالم من البكاء والحقد على قضايا الفساد والمخدرات ..

"أذكياء لكن أغبياء" لعادل إمام _والذي أدخلني لعالم من الضحك حتى البكاء ..
"إمرأة سيئة السمعة" .. للبارودي 
"أفواه وأرانب" ، " لا تتركني وحيدا" ، " أين عقلي" ... لمحمود ياسين
"الحكاية فكلمتين " لإيمان البحر درويش 
"انتحار صاحب الشقة" _ لنبيلة عبيد
وقد كَانَت فكرة هذا الفيلم مُرهقة للغاية وثقيلة جداً على القلب ...

/

كنت أشعر أن  الشبكة العنكبوتية تشبه المدينة المكتظة بالطرق 
وأنا أدلف من زاوية إلى أخرى ومن شارع إلى آخر  ..
حتى وصلت لهوَس متابعة مناظرات الإلحاد 
ثم اتجهت لحضور حلقات متتابعة من برنامج قديم رائع 
في كل مرة أتابعه يتجدد فيه انبهاري بالعلم وبالتاريخ .. 
وهو برنامج "العلم والإيمان" لمصطفى محمود
 أبرز ما رأيت منه "أسطورة التنين" ، "الديناصور" ،" الهرم المعجزة" ، "دنيا العجايب" ،" أينشتاين والنسبية" ، "كنج كونج" ، "الجلادون ".... ... 
/
ثم مرّ بي الوقت وأنا لا أشعر بشيء ولا أشعر بأحد
أكلم نفسي وأهدي لها الأغاني والأماني ...

ألعب " أتاري " قديم مثل " بومبر مان " وماريو وجالاكسيان " .. 
وأشاهد أفلام ديزني مثل " بينوكيو " و" الفأر الطباخ "
أو كرتون عادي مثل بينك بانتر و الضاحكون
أو أعوم في البحار مع أفلام المحيط
أو أعيش في البراري والغابات
ثم أنام على صوت " عدنان إبراهيم " يلقي محاضرة من سلسلة محاضراته
"نظرية التطور" ....
أو أنام على صوت " المعيقلي " يتلو سورة الملك
، 
وهكذا ...
حتى استفقت يوماً ما  ...
وقد انتهى حزيران وأشرقت شمس تموز ...
 والتي تواعدت مع سبق الترصّد 
مع هلال رمضان ١٤٣٦هـ
،
لقد هجرت الفيس بوك وتعافت روحي كل شيء 
إلا من قصتين في طريقة مسلسل ...
أولهما "شطرنج "... وثانيهما "حالة عشق "،
ربما تضيق الدائرة هنا في الحديث عن شطرنج
أو حالة عشق ...
 لكني في البداية لم أكن أصدّق أنها أعمال مصرية
...
الآن هي تحتاج لدائرة ضوء واسعة تسلط عليها
لولا أني الآن أوثق أكثر مما أفصّل ...
،

وفي النهاية ...
اقترب الوقت ... من هذا الوقت 
وتعبت جداً ...

لقد عاد آب يحمل في جعبته الكثير من الذكريات والآلام
وعدت أنا أيضاً للدَرَج الأوّل في سُلّمي الخلفي
عدت للقراءة والرواية ..
وها أنا أكتب من جديد ...
عن عالمٍ لا أعرف 
هل هو جيدٌ أم كئيب
،
هل سيؤنِسُ الأحياء !
أم سيبقى فيه الوحيدُ
 ... وحيد
،
من عاش على سلوى ! 
هل ستبقى له السلوى ... ؟
أم سوف تغادر قلبه يوماً
وتبقيه هائماً وغريب ...
!!!!
... 

،
...


،
/

الأحد، 9 أغسطس 2015

لَمحــات <٣> .. من | رسالة مُطوّلــة | ...



يهمّني أن تُشاركيني تفاصيلَ الحياة الصغيرة ...

تلكَ التفاصيل ..

التي غالباً ما يمارسها المرءُ وحيداً ،
...
ويخمّن ...
!! 
أن الشيء الوحيد ....
الذي يفصِل بينه وبينَ السعادة العُظمى 

هو وجود ذلك الشخص ...
الذي لو كانَ هُناك في تلك التفاصيل

ربما يشاركه تذوّق الجرائمَ البريئة

قبل تذوّق الحسَناتِ والفضائل !!


وهو الوحيد ...
الذي معه يحلو الإبحار ...

في كلّ ما تحبه الروح وترضاه
!!

وفي كلّ شاردةٍ أو واردة ~

بكامل  إرادته  وهواه ...

،
يستهويهِ ما يستهويك !

منذُ إشراقةِ الشمسِ في الصباح
مروراً بطريقةِ الابتسامة ...

وطريقةِ ريّ الورد المُختارِ بعناية ..

والموضوع بكامل التقدير

على سياجٍ ... 

فَوْقَ نافذةٍ تُطلُّ على الصباح ....
...

انتهاءً بطريق العودة للبيت !!

وشكل الحضور في المساء ...

وأسلوب السمر  والحب والخروجِ من المآزِق !!! 

وحتى التعب والاستئذان والنوم !

!!!!

يحب ما تُحبه  أنتَ بالفطرة ....
من أدبٍ وموسيقى وشعر ...

وعطورٍ وذكريات ...

وآثارٍ وطموحات
،
وما يستدعي المُغامرة
!!
 وكل ما يزرع في الروحِ الجمال
،!



أطرافُ النظرات والأحاديث ...

غالباً ما تتشابك !

 تحُّبها النفس ...
،

وتصبحُ لغزاً رائعاً

يشبه ألغاز الأذكياء ....
والكلمات المُتقاطعة ... 
في استراحات الجرائد اليومية
!!
فتنصهر العقبات ...

وتُزال الحواجز ...
حتى تلتحم الأرواح

وتصبحُ واحدة

متوحّدة ...
....

تجعل من الأجساد نغماً ~

يردِّد الأوجاعَ بمنتهى الألم ~

ويرددُ الفرح بمنتهى السعادةِ والسرور 
،

!
!!

إنها أحلامُ المتأمّلين ....

أحلامُ الهائمين دوماً ... 
في دروب الخيالِ والغرام

أحلامُ الحائرينَ التائهين 
وهي أحلامُ اليائسين ...

،

إنها ...!
أحلامي المُستحيلةَ 

                فيكِ   ... يا سلوى 

!
/
                                                                                                                                                يتبع ...