قالت ليَ اليمامة :
هذه الأرض الخضراء ، والورود المُزهِرة ، وهذا الظلُّ والجمالُ والمساحات .... كلها لكِ ,
قلت لها : والنعناع ؟!
هل نسيتِ ؟
لقد اقترَبَ الصيف ...
وأنا منذُ ذلك الحين أسقيهِ بعيوني وأحرسهُ بمنامي !
إنه ليسَ لي ! ولكنه لم يكن هُنا قط قبل أن أعتني بهاته الحديقة ..
لقد كانت قبل سنة صحراء جرداء
تشتاق فقط .. وتظمأ !
كنتُ أراقِبها من نافِذتي بناظِريّ وكلي أشواق
أن أنبُشها وأزرعها وروداً وإنجيلاً وأشجارا ...
كنتُ في الليل أتأمل فيها أكثر من البدر والسماء والمطر
أكثر ما ينظر لها أصحابها كنت لها أنظر ....
لكأن جرداءَها فَهِم عليّ ..
ورقَّ إليّ ...
لكأنها فهِمت مُرادي ومُنايَ
وكأنها صارَ بجوفِها إنسان بادَلني شعوراً جميلاً كنتُ أتمناه
وظلَّ على هيئةِ أرض _عرِفت ما أُريد_
فقررت أن تُنبِت نفسها بِنفسِها بإذن الله !
فشرِبت من الأمطارِ ما شَربت
وكأنها تشرب مشاعري .....
وهاهي أزهَرت وأنبتت حتى عَرّشَت شجراً صغيراً أخضراً في كل بقعة ....
فظلَّلت كل مكانٍ أمام نافِذَتي ....
يا يمامة :
قولي لأصحابِ الأرض أن الأرضَ لي
وأن صاحِب الأشياء من أدام الاعتِناءِ بها
وأرسلَ_ ولو روحَه_ إليها _ولو بِنظرة_ !
أخبريهم أني سأنزِل يوماً ما من نافِذَتي
أستظل بظلِّ هذا الشجرِ الصغير
وأقطِف أوراق النعنع منه ..
وسوف يكونُ سعيداً بي ...!
قالت لي اليمامة :
نعم ..
وكلُّ ما ملأ فؤادِك يا بُنيّتي _هو حَقّك_
والأشجار والإنجيل والورود _الفلُّ الأبيض والياسمين
والجوري والنرجس ..
ونعناع الجنينة ...,