... هراء!
مشروب ليلي بعد العشاء!؟
!
نعم فقد جعت...
خمس ساعاتٍ مّرت ...
لو أني لم أمررها جاهدة بسماع درس للنابلسي ..
والضحَك مع أطفالي استهزاءً بما أجلبه لنفسي من متاعب
لقتلت نفسي بأي سكين من تلك السكاكين اللعينة التي أغسلها عشرات المرات يوميا ً..
.. ولم أنته
غدا إن عشت
أحتاج ل٣ ساعات ليجهز هذا العمل بالكامل
...
أشعر بإنهاك !!
لحظة أفتح الشباك ..
! /
آه ..
ليل رائع يضيع في سلق ملفوف لعين!
وتحضير الرز وأعمال المطبخ السخيفة ناهيك عن أعمال البيت والأطفال الذين ناموا وهم يفتقدون أحضاني!
آخ.... أولادي ..
لولاكم يا أحبابي ما عشت...
لكني أستغرب وأنا أتصور حال أمهاتنا وجداتنا في الماضي
لقد أفنوا كل ساعة من وقتهم وقتلوا شبابهم في المطبخ وفي أعمال البيت..
بل جداتنا كن يذهبن للحقول ويغزلن بأيديهن الجميلات
دون تذمر
بل كُنَّ سعيدات ....!!
كيف ذلك؟
ربما كما أشعر الآن تماما؟!
فلو سألتني إحدى الكادحات :بكم شيء يجب أن تضحي الأمهات لكي توفر لأبنائها كل ما يريدون !
....
! سأجيبها ما هذا السؤال...
ستضحي طبعا بكل شيء
تضحي بنفسها
!
هذه الإجابة الفطرية التلقائية لا كذب فيها ولا نفاق
فهو ما فطرت عليه قلوب الأمهات..
وكم صورة رأيت لأمهات يحتضن أبناءهن في الحروب
وفي الطوفان وفي الزلازل لتموت الأمهات ويعيش الأبناء فعليا .. لقد حدث ذلك في مشاهد عجيبة تهيمن على القلوب ..
الوحيد الذي يضحي بنفسه من أجل أبنائه هي الأم ..
وإن كان الأب يفعل ذلك لكن ليس بنفس العطاء الغريب الذي تمنحه الأم لأبنائها دون حساب...
/
/
ماذا...
...
لقد استطردت جدا كما أرى ...
ماذا حدث لي...
هل تغير شيء
أم أن كل شيء تغير!
بل تغير كل شيء ...
طعم الحياة أصبح زائفاً
طعم الحب... والرسائل المنتظرة المعلقة !!
طعم الأيام .. رحلاتها أفراحها جمعاتها
أصبح مملا ً.. فاقدا لشيء لا أعرفه؟
ما هو يا ترى ؟
ربما الشغف ..
ربما نعم ! هو...
فقد قتلت التكنولوجيا كل ما يمكن أن ينتظره أحدنا
كل ما ينتظره غيرنا منا ....
قتلت الجمال... فصار موجود متى نريده
نقلب صفحات الانترنت ونراه
نقلب في التلفاز ونراه ..
جمال أي شيء كان
قتلت الخيال ..!
لا شيء أريد ان أتخيله!
لقد تخيلت التكنولوجيا كل ما أريده وكل ما لا أريده
ونقلتنا للفضاء وتحت الأرض ودمجتنا في الأجهزة واصبحنا روبوتات!
روبوتات متحركة بلا مشاعر ..
لقد قتلت المشاعر ..
قتلت الطفولة ...
فأصبح الصغار في سن الكبار
يدركون ويعرفون ما يعرفه ويدركه الكبار ..
قتلت اللمات الدافئة ...
فكم شخص مات في بيته
وذويه يجلسون بنفس البيت ولم يعرفوا بموته سوى بعد ساعات...
وهكذا في البيوت المجاورة
والحارات...
لقد تغيرت الحارات ..
!
قتلت هيبة كل شيء
قتلت القراءة ... قتلت الأدب .
قتلت الرجولة ..... والشهامة
نعم كل ذلك لها دور فيه
دور كبير وأكثر من ذلك
...
لكني مازلت أؤمن بأنه واجب علينا أن نقاوم كل ذلك
نقاوم أنفسنا لنعيد ترتيب خصالها
لنجد ما نحب...
...
لقد تحولت العشرة دقائق لساعة
لم أشعر!
لقد أطلت..
!
وربما لولا نعاسي لبقيت
لأكتب حتى أغفو!
سأذهب وأغفو!
أشعر بخواء
سأنام
تصبحون على وطن
...
...